[size=32]الحمد لله ذي العزة والأفضال، والجود والنوال، أحمده على ما خص وعم من نعمه، وأستعينه على أداء فرائضه، وأسأله الصلاة على خاتم رسله. وبعد بيان حرية التملك :
ويقصد بالتملك : حيازة الإنسان للشيء وامتلاكه له ، وقدرته على التصرف فيه ، وانتفاعه به عند انتقاء الموانع الشرعية وله أنواع ووسائل نوجزها في الآتي :
1 / أنواع الملكية : للملكية أو التملك نوعان بارزان ، هما : تملك فردي ، وتملك جماعي .
فالتملك الفردي : هو أن يحرز الشخص شيئا ما ، وينتفع به على وجه الاختصاص والتعين .
وقد أعطى الإسلام للفرد حق التملك ، وجعله قاعدة أساسية للاقتصاد الإسلامي ، ورتب على هذا الحق نتائجه الطبيعية في حفظه لصاحبه ، وصيانته له عن النهب والسرقة ، والاختلاس ونحوه ، ووضع عقوبات رادعة لمن اعتدى عليه ، ضمانا له لهذا الحق ، ودفعا لما يتهدد الفرد في حقه المشروع . كما أن الإسلام رتب على هذا الحق أيضا نتائجه الأخرى ، وهي حرية التصرف فيه بالبيع أو الشراء ، والإجارة والرهن ، والهبة والوصية وغيرها من أنواع التصرف المباح .
غير أن الإسلام لم يترك (التملك الفردي) مطلقا من غير قيد ، ولكنه وضع له قيودا كي لا يصطدم بحقوق الآخرين ، كمنع الربا والغش والرشوة والاحتكار ونحو ذلك ، مما يصطدم ويضيع مصلحة الجماعة . و هذه الحرية لا فرق فيها بين الرجل والمرأة قال الله تعالى : { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ }
أما النوع الثاني : فهو التملك الجماعي : و هو الذي يستحوذ عليه المجتمع البشري الكبير ، أو بعض جماعاته ، ويكون الانتفاع بآثاره لكل أفراده ، ولا يكون انتفاع الفرد به ، إلا لكونه عضوا في الجماعة ، دون أن يكون له اختصاص معين بجزء منه مثاله : المساجد والمستشفيات العامة والطرق والأنهار والبحار وبيت المال ونحو ذلك . وما ملك ملكا عاما يصرف في المصالح العامة ، وليس لحاكم أو نائبه أو أي أحد سواهما أن يستقل به أو يؤثر به أحد ليس له فيه استحقاق بسب مشروع وإنما هو مسؤول عن حسن إدارته وتوجيهه التوجيه الصحيح الذي يحقق مصالح الجماعة ويسد حاجاتها .
2 / وسائل الملكية : وهي طرق اكتسابها التي حددها الإسلام ، وعينها ، وحرم ما سواها ، ويمكن تقسيمها أيضا إلى قسمين : وسائل الملكية الفردية ، والجماعية .
- وسائل الملكية الفردية ، ولها مظهران :
المظهر الأول : الأموال المملوكة ، أي المسبوقة بملك ، وهذه الأموال لا تخرج من ملك صاحبها إلى غيره إلا بسبب شرعي كالوراثة ، أو الوصية ، أو الشفعة ، أو العقد ، أو الهبة ، أو نحوها .
المظهر الثاني : الأموال المباحة ، أي غير المسبوقة بملك شخص معين ، وهذه الأموال لا يتحقق للفرد تملكها إلا بفعل يؤدي إلى التملك ووضع اليد ، كإحياء موات الأرض والصيد ، واستخراج ما في الأرض من معادن ، وإقطاع ولي الأمر جزءا من المال لشخص معين ، والعمل ، ونحوه .
على أن ثمة قيودا على الملكية الفردية ، تجمل فيما يلي :
1 / مداومة الشخص على استثمار المال ، لأن في تعطيله إضرارا بصاحبه ، وبنماء ثروة المجتمع .
2 / أداء زكاته ، إذا بلغ نصابا ، لأن الزكاة حق المال ، وكذلك إنفاقه في سبيل الله .
3 / اجتناب الطرق المحرمة للحصول عليه ، كالربا ، والغش والاحتكار ونحوه .
4 / عدم الإسراف في بذله أو التقتير .
- وسائل الملكية الجماعية ، ولها مظاهر كثيرة ، نوجزها في الآتي :
المظهر الأول : الموارد الطبيعية العامة ، وهي التي يتناولها جميع الناس في الدولة دون جهد أو عمل . كالماء ، والكلأ ، والنار ، وملحقاتها .
المظهر الثاني : الموارد المحمية ، أي التي تحميها الدولة لمنفعة المسلمين أو الناس كافة ، مثل : المقابر ، والمعسكرات ، والدوائر الحكومية ، والأوقاف ، والزكوات ونحوها .
المظهر الثالث : الموارد التي لم تقع عليها يد أحد ، أو وقعت عليها ثم أهملتها مدة طويلة كأرض الموات .
المظهر الرابع : الموارد التي تجنيها الدولة بسبب الجهاد كالغنائم والفيء ونحوها . والى غد ان شاء الله سناتي على ذكر حرية العمل [/size][
center]