1 |
يُمْطِرُ عليَّ كُحْلُكِ الحجازيّْ |
وأنا في وَسَط ساحة (الكونكوردْ) |
فأَرْتَبكْ.. |
وترتبكُ معي باريسْ |
تسقطُ حكومةٌ .. وتأتي حكومَهْ |
وتطيرُ الجرائدُ الفرنسيّةُ من أكْشَاكِها |
وتطيرُ الشراشفُ من فوق طاولات المقاهي.. |
وتطلبُ العصافيرُ اللجوءَ السياسيْ |
إلى عَيْنَيْكِ العَربيَّتيْنْ... |
2 |
أيَّتها العربيَّةُ الداخلةُ كالخنجر في صَبَاحات باريسْ |
يا مَنْ ترتشفينَ القهوةَ بالحليبْ |
وترتشفين معها كُرَيَّاتي الحمراءَ والبيضاءْ |
ما كانَ في حسابي أن أُلاقيكِ في محطّة الحزنْ |
وأن تلتقطيني بأهداب حنانِكْ |
وأنا في ذَرْوَة البرد، والخَوْف، والإنْكِسَارْ |
لكنَّ باريسَ قادرةٌ على كلِّ شيءْ |
ونبيذُ بوردو الأحمر، هو الذي سَيُلغي الفُروقْ |
بين صقيع أوروبا.. |
وشُموس العالم الثالثْ |
بين حيائكِ الجميلْ... |
وبين جُنُوني... |
3 |
أيَّتها العربيَّةُ التي تتكسَّرُ على أرصفة (المونْمَارترْ) |
فتافيتَ ياقُوتٍ.. |
وغابةَ سُيوفْ.. |
يا مَنْ يتصالحُ في عَيْنَيْها الضوءُ .. والعُتْمَهْ.. |
والماءُ .. والحرائقْ |
ما كان في حسابي.. |
وأنا أتمشَّى بين (الفاندوم) .. و( المادلينْ).. |
أن أدخلَ في جَدَليَّةِ اللون الأسودْ |
وإشكَاليّة العُيُونِ الواسعَهْ |
كخواتمِ الفضَّهْ... |
ما كانَ في حسابي.. |
أن أدخلَ في تفاصيل التاريخ العَرَبيّْ |
فلقد تخانقتُ مع تاريخي.. |
وجئتُ إلى باريسَ .. لأُلغيَ ذاكرتي |
ولكنْ .. ما أن نزلتُ من الطائرَهْ.. |
حتى نَزَلَتْ ذاكرتي معي.. |
ونَزَلَ شَعْرُكِ الغَجَريُّ معي.. |
ونزلتْ أثوابُكِ .. ومعاطفُكِ.. |
وأدواتُ زينتكِ معي.. |
لتسدَّ مداخلَ الطُرُقاتْ |
من مطار (شارل دوغول) |
إلى كنيسة نوتردامْ... |
4 |
يا فاطمةَ ساحة (الكونكوردْ).. |
يا فاطمةَ الفاطِماتْ |
أيُّها السيفُ المرصَّعُ بأجمل الآياتْ |
أيُّها اللغةُ التي ألغَتْ جميعَ اللغَاتْ.. |
أُرحِّبُ بكِ في باريسْ.. |
وأرجو لكِ قامةً سعيدَهْ |
فوق أعشاب صدري... |
5 |
يا ذاتَ الشفتينِ المُمْتَلِئتيْنِ كحبَّتَيْ فاكِهَهْ.. |
كم هُوَ استفزازيٌّ نوعُ العطر الذي تضعينَهْ |
وكم هُوَ رائعٌ إفطارُ الصباح معكِ.. |
وأنتِ تنقرينَ قطعةَ (الكرواسَانْ) كعصفورْ |
وتنقرينَ فمي كعصفورْ |
أيَّتُها السنجابةُ الآسيويَّهْ |
التي تنطُّ من أعلى (برج إيفل) إلى صدري.. |
ولا تخشى الدُوارْ.. |
وتستحمُّ بنوافير (قصر فرساي) |
ولا تخشى الغَرَقْ.. |
وتنامُ عاريةً على أعشاب حديقة (التويلري).. |
ولا تخشى الفضيحَهْ.. |
6 |
أيَّتُها العربيّةُ التي ينقِّطُ العَسَلُ الأسودُ من عينيْها |
نُقْطَةً .. نُقْطَهْ.. |
ويُنقِّطُ الشِعْرُ من شَفَتها السُفْلى |
قصيدةً .. قصيدَه |
ويرنُّ حَلَقُها الطويل صباحَ يوم الأَحَدْ |
كناقُوسِ كنيسَهْ.. |
ما كانَ في حسابي.. |
أن أمرَّ معكِ ذاتَ يومٍ تحتَ قَوْس النصرْ |
لنضعَ وردةً على قبر العاشق المجهولْ.. |
ولا كانَ في حسابي.. |
أن أرى صورتَكِ في متحف اللُوفر |
مع أعمال رينوارْ.. |
وماتيسْ.. |
وسيزانْ.. |
وأن أرى أعمالي الشعريَّهْ |
تباعُ في مكتبات الضفّةِ اليُسْرى |
مع أعمال رامبو.. |
وفيرلينْ.. |
وجاك بريفير.. |
7 |
صَباحَ الخير.. |
أيّتها العصفورةُ القادمةُ من المياه الدافئَهْ |
لتغتسلَ بأمطار باريسْ |
وأمطار حنيني.. |
صباحَ الخير.. |
أيَّتُها السَمَكةُ التي تتكلَّمُ اللغةَ العربيَّهْ |
وتتهجّى كَلِماتِ الحُبِّ باللغةِ الفَرَنسيَّهْ. |
وتتهجَّاني بكُلِّ لُغَاتِ الأُنوثَهْ... |
8 |
كُلَّما سافرتُ إلى باريسَ دونَ حَجْزٍ.. |
تصيرينَ فُنْدُقي... |
9 |
صَباحَ الخير .. يا بُسْتَانَ الزَعْفَرانْ |
صباحَ الخير .. يا سُجَّادةَ الكاشانْ |
صباحَ الخير على أصابعكِ النائمة بين أصابعي.. |
وعلى معطف المطر الذي كنتِ تلبسينَه معي.. |
وعلى جرائد الصباح التي كنتِ تتصفَحينها معي.. |
صباحَ الخير.. |
على الكافيتريات التي ثَرثَرْنا فيها.. |
وعلى البُوتيكات التي رافقتُكِ إليها.. |
وعلى المرايا التي دخلناها معاً... |
ثم سافرتِ.. |
وتركتِني حتى الآن .. مَرْسُوماً عليها... |
10 |