وفجأة |
هبطت على الميدان |
من كل جهات المدن الخرسا |
الوف شبان |
زاحفين يسألوا عن موت الفجر |
استنوا الفجر ورا الفجر |
ان القتل يكف |
ان القبضه تخف |
ولذلك خرجوا يطالبوا |
بالقبض على القبضه |
وتقديم الكف |
الدم |
قلب الميدان وعدل |
وكأنه دن نحاس مصهور |
انا عندى فكرة عن المدن |
اللى يكرهها النور |
والقبر اللى يبات مش مسرور |
وعندى فكرة عن العار |
وميلاد النار |
والسجن فى قلبى مش على رسمه سور |
قلت له لأ يا بيه |
انا اسف |
بلدى بربيع وصباح |
ولسه فى صوتى هديل الينابيع |
لسه فى قلبى صهيل المصباح |
لسه العالم حيى رايح جى |
بيفرق بين الدكنه وبين الضى |
بلدى مهما تتضيع مش حتضيع |
ما ضايع الا ميدان وسيع |
يساع خيول الجميع |
يقدم المقدام |
ويفرسن الفارس |
ويترك الشجاعه للشجيع |
ولا باعرف ابكى صحابى غير فى الليل |
انا اللى واخد على القمر |
ومكلمه اطنان من الشهور |
وعلى النظر من خلف كوة فى سور |
واللى قتلنى ما ظهر له دليل |
وفى ليله التشييع |
كان القمر غافل ..مجاش |
والنجم كان حافل |
لا بطل الرقصه ولا الارتعاش |
لما بلغنى الخبر |
اتزحم الباب |
وجونى الاحباب |
ده يغسل ..ده يكفن ..ده يعجن كف تراب |
وانا كنت موصى لا تحملنى الا كتوف اخوان |
اكلوا على خوان |
وما بينهمش خيانه ولا خوان |
والا نعشى ما حينفدش من الباب |
ما اجمل نومه على كتوف اصحابك |
تنظر صادقك من كدابك |
تبحث عن صاحب انبل وش |
فى الزمن الغش |
والرؤيه قصادى اتسعت |
بصيت واحسب نفسى بين خلان |
تعالوا شوفوا الدنيا من مكانى |
حاشتنا اغراض الحياه عن النظر |
بالرغم من نبل الالم والانتظار |
اتعلمنا حاجات اقلها الحذر |
ونمنا سنوات مدهشه |
نحلب ليالى حلمنا المنتظر |
وامتلات الاسواق بالمواكب |
تبيع صديد الوهم والمراكب |
وفارشه بالوطن على الرصيف |
بالفكر والجياع والكواكب ومذله الرغيف |
شويه فات سقراط |
مسلسلينه من القدم للباط |
ومتهم باليأس والاحباط |
وبالعدم وبالزنا وباللواط |
وبكل كافه التهم |
وهو عابر للجحيم على الصراط |
ينظر على الشعب التعيس ويبتسم |
الى الجحيم للفلسفه |
دنيا لا كانت يوم |
ولا حتكون فى يوم كويسه |
دنيا فى هيأة خنفسة |
دنيا فسه |
ما اتعس الانسان |
ما اسعد الحيوان |
وعبر |
وصف من الزوانى وراه |
متلطخين بالبودرة والمعاجين |
حاصرين غطاوى الروس |
بطونهم عريانين |
بيغنوا طوبى لضحكه المساجين |
وعيال عرايا |
تفيض بها الطرقات |
من القرى ومن المقاطعات |
اطفال فى لون الجوع |
صوت النفس مسموع |
اطفال شبه وضلوع |
اما انا |
فاتسعت الرؤيا |
وبصيت للمسا وللحياه المتعسه |
وللنسايم المنعسه |
وقلت ورا سقراط |
دنيا فى هيئه خنفسه |
ما اتعس الانسان |
ما اسعد الحيوان |
قبل مرورى على بعض مكان |
كنت موصى يمه افوت |
هجمت من الحارة مجموعه نسوان |
رجعوا بالصوت |
قالوا يا عبد الرحمن |
وقدرت تموت |
وتفوت اللحم العارى المتهان |
فى المدن اللى معداش منها ريحه انسان |
انا مت |
ومش منظور لى جواب |
متحصن بكتوف الاصحاب |
ولذلك فت |
عند التربه |
قعد الشيخ اوصانى |
وادانى كتابى بيمانى |
قال لى لو جولك ملكان |
قول انا عبد الله مش عبد الرحمن |
ودعا لى فى لحظه ما يقوم للعدل ميزان |
ينوبنى شىء من العفو وبعض الغفران |
وفى لحظه ما انا متزحلق |
فى قماشى الابيض |
من جوف القبر |
التقدم ضابط واتعرض |
قبض على الجثه |
وطلب الاوراق |
مزع الاكفان |
عدل الوش |
ووقف وركلنى |
وقالى بلؤم شديد |
حتى فى الموت بتغش |
شيلوه |
ولقيت نفسى والعربيه داخله القلعه |
كانت الدنيا ضجيج والشمس نيران والعه |
قوم يا انسان |
انا قلت |
انا عبد الله مش عبد الرحمن |
زى ما الشيخ اوصانى |
قالى عندى اوراق تثبت انك مش مرتاح |
امرك فاح |
ولقيت نفسى محاصر تانى وتحت الرجلين |
قلت لنفسى وبعدين |
راح تفضل كده لامتى يا غلبان ؟ |
بتدارى ايه ؟ |
ايه باقى تانى علشان تبقى عليه ؟ |
وطنك ؟ |
متباع |
سرك ؟ |
متذاع |
الدنيا حويطه وانت بتاع |
ويهين المعنى الضابط |
ويدوس بالجزمه على الحلم |
ربنا رازجه بجهل غانيه عن كل العلم |
ماذا تعنى بالكون يا يساعك يا يسعنى ؟؟ |
رد يا جربان يا ابن الوسخة ياكلب |
اظنك حتقولى تانى الشعب |
وصفعنى وتنى على بطنى بالكعب |
يا سعادة البيه وانا ايه؟ او ليا فى العمال ايه ؟ |
ما تضيع الدنيا والعمال دى تغور |
يا صاحب هذا المبنى الموروث |
ضل جدودك فى الجدران مغروس |
انت السلطان وانا المملوك |
انت السجان وانا المهلوك |
انت المنصور وانا المسفوك |
انا الصعلوك وامتى الصعلوك |
يقدر يتجاسر على السلطان |
اللى فى ايده بدل البرهان مليون برهان |
رفع الهد |
ماهو برضه دول يفهموا فى الكدب |
اول ما اتلفت جه غارس الجزمه فى قورتى |
وجيت اقعد بركنى على الاسفلت |
ولقيت نفسى محاصر تانى وتحت الرجلين |
قلت لنفسى وبعدين |
راح تفضل كده لامتى يا غلبان ؟ |
ما لقتش الراحه فى الموت |
يمكن تلاقيها ورا القضبان |
اطلعت على الشبابيك وعلى القضبان |
على الموقف |
على السجن وعلى السجان |
ولقيتنى طول عمرى كنت كده |
كلب ..محاصر ..متهان ..منبوذ ..جربان |
وانا يا ابنى الحلم اللى ما لهش اوان |
معروف عشى فى قلب البستان |
معروف صوتى فى زمن الاحزان |
وفى اى زمان |
واتذكرت سنه ما اتبنت القلعه |
وكنت انا اول مسجون |
وكان الضابط ده اول سجان |
يوم ما ركلنى نفس الركله |
يوم ما صفعنى نفس الصفعه |
نفس طريقه الركل |
وآخر الليل جانى بدم صحابى فى الاكل |
استأذنت ارتب اقوالى |
قفل الباب |
واتفتح الباب |
وخلاص |
يا عم الضابط انت كداب |
واللى باعتك كداب |
مش بالذل حاشوفكم غير |
ولا استرجى منكم خير |
انتم كلاب الحاكم |
واحنا الطير |
انتم التوجيه واحنا السيل |
انتم لصوص القوت |
واحنا بنبنى بيوت |
احنا الصوت ساعه ما تحبوا الدنيا سكوت |
احنا شعبين ..شعبين ..شعبين |
شوف الاول فين ؟؟ |
والتانى فين ؟؟ |
وآدى الخط ما بين الاتنين بيفوت |
انتم بعتم الارض بفاسها ..بناسها |
فى ميدان الدنيا فكيتوا لباسها |
بانت وش وضهر |
بطن وصدر |
والريحه سبقت طلعه انفاسها |
واحنا ولاد الكلب الشعب |
احنا بتوع الاجمل وطريقه الصعب |
والضرب ببوز الجزمه وبسن الكعب |
والموت فى الحرب |
لكن انتم خلقكم سيد الملك |
جاهزين للملك |
ايديكم نعمت من طول ما بتفتل ليالينا الحلك |
احنا الهلك وانت الترك |
سواها بحكمته صاحب الملك |
انا المطحون المسجون |
اللى تاريخى مركون |
وانت قلاوون وابن طولون ونابليون |
الزنزانه دى مبنيه قبل الكون |
قبل الظلم ما يكسب جولات اللون |
يا عم الضابط |
احبسنى |
سففنى الحنضل واتعسنى |
رأينا خلف خلاف |
احبسنى او اطلقنى وادهسنى |
رأينا خلف خلاف |
واذا كنت لوحدى دلوقت |
بكره مع الوقت |
حتزور الزنزانه دى اجيال |
واكيد فيه جيل |
اوصافه غير نفس الاوصاف |
ان شاف يوعى |
وان وعى ما يخاف |
انتم الخونه لو يصدق ظنى |
خد مفاتيح سجنك واترك لى وطنى |
وطنى غير وطنك |
ومشى |
قلت لنفسى |
ما خدمك الا من سجنك |