أعدْ على َ السمعِ ذكرْ البانِ وَ العلمِ | وَاعْذِرْ شَآبِيبَ دَمْعِي إِنْ جَرَتْ بِدَمِ |
ملاعبٌ للصبا أقوتْ ، وَ ما برحتْ | ملاعباً للأسى وَ الأعينِ السجمُ |
كانتْ لنا سكناً ، حتى إذا قويتْ | منا ، غدتْ سكناً للريحِ وَ الديمِ |
لَمْ أَتَخِذْ بَعدَهَا دَاراً أُقِيمُ بِهَا | إِلاَّ تَذَكَّرْتُ أَيَّامِي بِذِي سَلَمِ |
وَ كيفَ أنسى دياراً قدْ نشأتُ بها | في منبتِ العزَّ بينَ الأهلِ وَ الحشمِ |
يَا مَنْزِلاً، لَمْ يَدَعْ وَشْكُ الْفِرَاقِ بِهِ | إِلاَّ رُسُوماً كَوَحْيِ الْخَطِّ بِالْقَلَمِ |
أَيْنَ الَّذِينَ بِهِمْ كَانَتْ نَوَاظِرُنَا | تَرْعَى الْمَحَاسِنَ مِنْ فَرْعٍ إِلَى قَدَمِ |
وَدَّعْتُ شَطْرَ حَيَاتِي يوْمَ فُرْقَتِهِمْ | وَ صافحتني يدُ الأحزانِ وَ الهرمِ |
فَيَا أَخَا الْعَذْلِ! لاَ تَعْجَلْ بِلائِمَة ٍ | عَلَيَّ؛ فَالْحُبُّ مَعْدُودٌ مِنَ الْقِسَمِ |
أسرفتَ في اللومِ ، حتى لوْ أصبتَ بهِ | مَقَاطِعَ الْحَقِّ لَمْ تَسْلَمْ مِنَ التُّهَمِ |
فَارْحَمْ شَبَابَ فَتًى أَلْوَتْ بِنَضْرَتِهِ | أَيْدِي الضَّنَى ، فَغَدَا لَحْماً عَلَى وَضَمِ |
تاللهِ ما غدرة ُ الخلانِ منْ أربى | وَلاَ التَّلوُّنُ فِي الأَخْلاَقِ مِنْ شِيَمِي |
فَكيْفَ أُنْكِرُ وُدّاً قدْ أَخَذْتُ بِهِ | عَلَى الْوَفاءِ عُهُوداً بَرَّة َ الْقَسَمِ؟ |
إِنْ لَمْ يكُنْ لِلْفَتَى عقْلٌ يَصُونُ بِهِ | علائقُ الودَّ ضاعتْ ذمة ُ الحرمِ |
وَأَيْنَ مَنْ تَمْلِكُ الأَحْرَارَ شِيمَتُهُ | وَ الغدرُ في الناسِ داءق غيرُ منحسمِ ؟ |
فانفضْ يديك منَ الدنيا ؛ فلستَ ترى | خِلاًّ وَفِيّاً، وَعَهْداً غَيْرَ مُنْصَرِم |
هَيْهَاتَ، لَمْ يَبْقَ فِي الدُّنْيَا أَخُو ثِقَة ٍ | يرعى المودة َ ، أوْ يلقى يدَ السلمِ |
فلا يغرنكَ منْ وجهٍ بشاشتهُ | فَالنَّارُ كَامِنَة ٌ فِي نَاخِرِ السَّلَمِ |
تغيرَ الناسُ عما كنتُ أسمعهُ | وَاسْتَحْكَمَ الْغَدْرُ فِي السَّادَاتِ وَالْحَشَمِ |
وَ ظلَّ أعدلُ منْ تلقاهُ منْ رجلٍ | أَعْدَى عَلَى الْخَلْقِ مِنْ ذِئْبٍ عَلَى غَنَمِ |
مِنْ كُلِّ أَشْوَهَ فِي عِرْنِينِهِ فطَسٌ | خالٍ منَ الفضلِ ، مملوءٍ منَ النهمِ |
سودُ الخلائقِ ، دلاجونَ ، ما طبعوا | عَلَى الْمَحَارِمِ هَدَّاجُونَ فِي الظُّلَمِ |
لا يحسنونَ التقاضي في الحقوقِ ، وَ لاَ | يُوفُونَ بِالْعَهْدِ إِلاَّ خِيفَة َ النِّقَمِ |
صُفْرُ الْوُجُوهِ مِنَ الأَحْقَادِ، تَحْسَبُهُمْ | وَ همْ أصحاءُ - في درعٍ منَ السقمِ |
فلا ذمامة َ في قولٍ وَ لاَ عملٍ | وَ لاَ أمانة َ في عهدٍ وَ لاَ قسمِ |
بَلَوْتُ مِنْهُمْ خِلاَلاً لَوْ وَسَمَتْ بِهَا | وَجْهَ الغَزَالَة ِ لَمْ تُشْرِقْ عَلَى عَلَمِ |
لمْ أدرِ ، هلْ نبغتْ في الأرضِ نابغة ٌ | أمْ هذهِ شيمة ُ الدنيا منَ القدمِ ؟ |
لاَ يُدْرِكُ الْمَجْدَ إِلاَّ مَنْ إِذَا نَهَضَتْ | بِهِ الْحَمِيَّة ُ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَغَمِ |
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ | فضلُ الرجالِ تساوى الناسِ في القيمِ |
فأيُّ غامضة ٍ لمْ تجلها فطني ؟ | وَأَيُّ بَاذِخَة ٍ لَمْ تَعْلُهَا قَدَمِي؟ |
وَكَيْفَ لاَ تَسْبِقُ الْمَاضِينَ بَادِرَتِي؟ | وَ السمهرية ُ تخشى الفتكَ منْ قلمي ؟ |
لكلَّ عصرٍ رجالٌ يذكرونَ بهِ | وَالْفَضْلُ بِالنَّفْسِ لَيْسَ الْفَضْلُ بِالْقِدَمِ |