مقال لشيخ الازهر2

شكرا لهم. والسلام عليكم. شكرا جزيلا شكرا مصر
بهذه العبارات الرقيقة. وبهذه الكلمات الجملية. وبهذه النصوص الحكيمة. ختم الرئيس "أوباما" خطابه المتقن الواعي لأحداث التاريخ. والداعي إلي نشر الأمان والسلام والرخاء والتعاون بين أفراد المجتمع الإنساني كله.
وهذه الفقرة الأخيرة التي تحدث فيها سيادته عن "التنمية الاقتصادية وتنمية الفرص" أري أنها فقرة مشتملة علي كل ما يدعو إلي فتح الباب وإلي تنويع ألوان التنمية وجمع الثروة الاقتصادية من أنواع أخري من خيرات هذا الكون. عن طريق العلم الذي هو مفتاح كل خير. وعن طريق المشاركة والتعاون وتبادل المنافع التي أحلها الله ــ تعالي ــ للناس جميعا.
إن الناس في كل زمان ومكان. لا يستطيعون أن يكونوا في غني عن المعاملات فيما بينهم. وهذا معني قول المفكر الكبير "ابن خلدون" ــ رحمة الله: "الإنسان مدني بطبعه"
أي: أن الإنسان محتاج إلي غيره في غذائه. وفي شرابه. وفي دوائه. وفي كسائه. وغير ذلك من شئون حياته.
فالناس للناس من بدو وحاضرة ـــ بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
وقد أشار ــ القرآن الكريم في آيات متعددة إلي هذا المعني. ومن ذلك قوله ـ تعالي: "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا. ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات. ليتخذ بعضهم بعضا سخريا. ورحمة ربك خير مما يجمعون" "سورة الزخرف: الآية 32".
أي: نحن الذين بقدرتنا ورحمتنا وحكمتنا. قد قسمنا بين الناس من أرزاقهم في هذه الحياة الدنيا. ولم نترك تقسيمها لأحد منهم.
ونحن الذين تولينا تدبير هذه الارزاق وتوفير أسبابها. ولم نكلها إليهم. لعلمنا بعجزهم وقصورهم ونحن الذين رفعنا بعضهم فوق بعض درجات في الدنيا. فهذا غني وذاك فقير. وهذا خادم وذاك مخدوم. وهذا قوي وذاك ضعيف.
ثم ذكر ــ سبحانه ــ الحكمة في هذا التفاوت في الأرزاق وفي المدارك. وفي القدرات فقال: "ليتخذ بعضهم بعضا سخريا".
أي: فعلنا ذلك ليستخدم بعضهم بعض في حوائجهم. ويعاون بعضهم بعضا في قضاء مصالحهم. وبذلك تنتظم الحياة. وتسير في طريقها السليم. فيترتب علي ذلك التقدم. والعمران. ويعم الخير بين الناس.
ولفظ "سُخريا" ــ بضم السين ــ مأخوذ من التسخير بمعني تبادل المنافع بين الناس. وخدمة بعضهم لبعض. فالغني ــ مثلا ــ يقدم المال لغيره. نظير ما يقدمه له ذلك الغير من عمل معين. وكذلك الحال بالنسبة للعامل والموظف والتاجر والصانع والزارع.. فكل واحد يتبادل المنافع مع غيره.
والمتدبر لهذه الآية الكريمة. يراها قد قررت سنة من سنن الله في خلقه. وهي أن التفاوت في الأرزاق وفي العقول أمر لا شك فيه. وأن حاجة الناس بعضهم إلي بعض في أمور معاشهم. من الاشياء التي اتفق العقلاء عليها. واطمأنوا إلي حتميتها ولزومها.
وإن شريعة الإسلام قد شجعت كل اقتصاد وكل تنمية وكل معاملة. هدفها نشر الرخاء والرفاهية واسعاد البشر. وتحقيق ضرورات حياتهم... ما دامت هذه المعاملات الاقتصادية. خالية من الغش. والخديعة. والظلم. والجشع. والابتزاز. وغير ذلك من الرذائل التي حرمها الله ــ عز وجل.
وبعد: فهذا تعليق شرعي محدود. علي خطاب الرئيس الأمريكي "بارك أوباما" الذي ألقاه في جامعة القاهرة ــ ظهر الخميس الرابع من شهر يونيو سنة .2009
ذلك الخطاب الشجاع الحكيم. الواضح. المتقن. المنظم الموضوعي الداعي إلي نشر التعاون والسلام بين أفراد المجتمع الإنساني. وإلي تبادل المنافع فيما بينهم. وإلي إعطاء كل صاحب حق حقه دون تردد أو تقاعس أو اتباع للهوي. وبالله التوفيق.

يسسسلمو يآعسسل
يعطيك آلف عآفييه
ودي لڪ

» مقال شيخ الازهر 1
» نشر أخبار أو مقال في مجلات و مواقع إخبارية
» شاهد حداءة ( مقال الوحي يضحد كل قول وإن قال العظام العالمون )