حججت إلى بيت الله الحرام ، ولي من العمر أربعة عشر عاما بصحبة والدي، فهل يحتسبها الله لي؟
جزاكم الله خيرا
حججت إلى بيت الله الحرام ، ولي من العمر أربعة عشر عاما بصحبة والدي، فهل يحتسبها الله لي؟
جزاكم الله خيرا
يقول الشيخ حامد العطار عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين:
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
الراجح من أقوال الفقهاء أن حج الصبي الذي لم يبلغ مقبول منه، وأنه مأجور عليه هو ووالداه إلا أن هذه الحجة لا تسقط عنه حج الفريضة إذا بلغ.
فإذا كنت قد حججت وأنت بالغ فقد سقطت عنك حجة الفريضة ، وأما إذا كنت ساعة الحج لم تبلغ فإن حجة الفريضة لم تسقط عنك ، وتقع هذه الحجة عنك نافلة .
والبلوغ إنما يعرف بالاحتلام والإنزال، وإنما يصار للسن عند تعذر علامات البلوغ الأخرى والتي من أقواها وأظهرها الإنزال ، والاحتلام. وفي حالة تخلف هذه الأمارات الدالة على البلوغ فإنه يلجأ إلى السن في تحديد بدايته ، وقد اختار مجمع الفقه الإسلامي سن الخامسة عشرة لبداية البلوغ.
جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثامنة عشرة :
" نظرا لكون البلوغ مرتبطا بنمو الجسم ووصوله إلى مرحلة معينة، يحصل بها تمام الإدراك، فإنه يعتبر البلوغ الطبيعي بالأمارات الدالة عليه، أو بالبلوغ بالسن بتمام خمس عشرة سنة في مسائل التكاليف بالعبادات"انتهى.
وقد ذكر صاحب المنتقى هذه الأحاديث تحت باب: ( صحة حج الصبي والعبد من غير إيجاب له عليهما )
عن ابن عباس { : أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال : من القوم ؟ قالوا : المسلمون ، فقالوا من أنت ؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : فرفعت إليه امرأة صبيا ، فقالت ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر } رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي .وعن السائب بن يزيد قال : { حج أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين } . رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه ) . ، ( وعن جابر قال : { حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا النساء والصبيان ، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم } . رواه أحمد وابن ماجه ) .
وقال الإمام الشوكاني معقبا على هذه الأحاديث :-
استدل بهذه الأحاديث من قال : إنه يصح حج الصبي . قال ابن بطال : أجمع أئمة الفتوى على سقوط الفرض عن الصبي حتى يبلغ إلا أنه إذا حج كان له تطوعا عند الجمهور . وقال أبوحنيفة : لا يصح إحرامه ولا يلزمه شيء من محظورات الإحرام ، وإنما يحج به على جهة التدريب ، وشذ بعضهم فقال : إذا حج الصبي أجزأ ذلك عن حجة الإسلام لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم نعم في جواب قولها " ألهذا حج ؟ ".
وقال الطحاوي : لا حجة في قوله صلى الله عليه وسلم : نعم ، على أنه يجزئه عن حجة الإسلام، بل فيه حجة على من زعم أنه لا حج له ، قال : لأن ابن عباس راوي الحديث قال { : أيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخرى } ، ثم ساقه بإسناد صحيح وقد أخرج هذا الحديث مرفوعا الحاكم وقال : على شرطهما ، والبيهقي وابن حزم وصححه . وقال ابن خزيمة : الصحيح موقوف وأخرجه كذلك . قال البيهقي : تفرد برفعه محمد بن المنهال ، ورواه الثوري عن شعبة موقوفا ، ولكنه قد تابع محمد بن المنهال على رفعه الحارث بن شريح ، أخرجه كذلك الإسماعيلي والخطيب ، ويؤيد صحة رفعه ما رواه ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : احفظوا عني ولا تقولوا قال ابن عباس فذكره ، وهو ظاهر في الرفع وقد أخرج ابن عدي من حديث جابر بلفظ : " لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى " ومثل هذا حديث محمد بن كعب المذكور في الباب .
فيؤخذ من مجموع هذه الأحاديث أنه يصح حج الصبي ولا يجزئه عن حجة الإسلام إذا بلغ ، وهذا هو الحق فيتعين المصير إليه جمعا بين الأدلة قال القاضي عياض : أجمعوا على أنه لا يجزئه إذا بلغ عن فريضة الإسلام إلا فرقة شذت فقالت : يجزئه لقوله : نعم . وظاهره استقامة كون حج الصبي حجا مطلقا . والحج إذا أطلق تبادر منه إسقاط الواجب ، ولكن العلماء ذهبوا إلى خلافه ، لعل مستندهم حديث ابن عباس ، يعني المتقدم .
قال : وقد ذهبت طائفة من أهل البدع إلى منع الصغير من الحج . قال النووي : وهو مردود لا يلتفت إليه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإجماع الأمة على خلافه . انتهى.
والله أعلم .