الإمام يعقوب الحضرمي
هو يعقوب بن إسحاق بن عبد الله بن أبي إسحاق أبو محمد الحضرمي، مولاهم البصري أحد القراء العشرة وإمام أهل البصرة ومقريها أخذ القراءة عرضاً عن سلام الطويل ومهدي بن ميمون وأبي الأشهب العطار وشهاب بن شرنقي ومسلمة بن محارب وشعبة بن عروة العقيمي ويونس بن عبيد وروى عن سلام حرف أبي عمرو بالإدغام وسمع الحروف من الكسائي ومحمد بن رزق الكوفي عن عاصم وسمع عن حمزة حروفا، وروى ابن منادي أنه قرأ على ابن عمرو وقال أبو عبيد القصاع وما ذلك ببعيد لأن أبا عمرو توفي وليعقوب سبع وثلاثين قال يعقوب قرأ على سلام في سنة ونصف وقرأت على شهاب بن شرنفة المجاشعي في خمسة أيام وقرأ شهاب على مسلمه ابن محارب المحاربي في ستة أيام، وقرأ مسلمة على أبي الأسود الدؤلي على علي رضي الله عنه. قلت وقراءته على أبي الأشهب عن أبي رجاء عن أبي موسى في غاية العلو.
وروى القراءة عنه عرضا: زيد بن أخيه أحمد وكعب بن إبراهيم وعمر السراج وحميد بن الوزير والمتهادى بن شاذام وأبو البشر الفطان ومسلم ابن شعبان وروح بن عبد المؤمن ومحمد بن متوكل ومحمد بن وهب القزاري والحسن بن مسلم الضليل وكعب بن إبراهيم وعبد الله بن سجر الساجي وأبو حاتم السجستاني وروم بن قرة وأيوب بن المتوكل وأحمد بن حمد الزجاج وأحمد بن شاذان وعمران بن يحيى وداود بن سالم والوليد بن حسان وأبو الفتح النحوي وأبو هشام الرقاء وأبو عمرو الدوري، وورد أن ابن إبراهيم الأشرم وأحمد بن عبد الخالق المكفوف وأبو سليمان بن عبد الله الذهبي ومحمد بن عبد الخالق وفضل بن أحمد الهزلي وعبد الله بن بحر وعامر بن الأعلى الدلال وفهد بن الصغير - وروى عن شعبة وهارون بن موسى وهمام بن يحيى وعبد العزيز بن زياد وزعرة - روى عنه حرف أبي عمرو: ابن العلاء همدان ابن محمد الساجي، وحدث عنه أبو حفص القلاسي وأبو هلال ومحمد بن عبد الله ومحمد بن يوسف.
قال أبو حاتم السجستاني: هو أعلم ما رأيت بالحروف والاختلافات في القرآن وعلله ومذاهبه ومذاهب النحو، وأروى الناس لحروف القرآن وحديث الفقهاء، وقال الداني: وأنتم بيعقوب في اختياره عامة البصريين بعد أبي عمرو - فهم أو أكثرهم على مذهبه - قال وقد سمعت طاهر بن غلبون يقول إمام الناس بالبصرة لا يقرأ إلا بقراءة يعقوب: قال ابن أبي حاتم سأل أحمد بن حنبل عنه فقال صدوق. وسأل عنه أبي فقال صدوق.
وقال ابن الحسن بن المنادى في أول كتاب الإيجاز والاقتصاد في القراءة: كان يعقوب أقرأ أهل زمانه وكان لا يلحن في كلامه وكان السجستاني من أحد غلمانه وقال السعدي: دعتني نفسي لتأليف كتاب موجز في القراءات فتحته بيعقوب ابن إسحاق كما تممته بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ هو خير النبوات، وكان يعقوب من أعلم أهل زمانه بالقرآن والنحو غير أبيه وجده. وأنشدني فيه أبو عبد الله محمد ابن أحمد. لنفسه:
أبوه من القرآن كان وجده
ويعقوب في القراء كالكوكب الدر
تفرده محض الصواب ووجهه
فمن مثله في وقته وإلى الحشر
وأخبرني الحافظ أبو عبد الله بن خليل أذنا عن أبي عمرو المالكي عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن سعد عن أحمد بن محمد عن الحافظ بن عمرو حدثنا الخاقاني حدثني محمد بن محمد بن عبد الله الأصفهاني قال: تعرف أهل البصرة أيام الذبح وأهل المسجد بجردون وأهل القبائل لأيوب - وعلى قراءة يعقوب إلى هذا الوقت أتم المسجد الجامعي بها وكذلك أدركناهم. قلت ومن أعجب العجب بل من أكبر الخطأ جعل قراءة يعقوب من الشواذ التي لا تجوز القراءة بها ولا الصلاة وهذا شيء لا نعرفه من قبل إلا في هذا الزمان ممن لا يعول على قوله ولا يلتفت إلى اختياره ولأئمة المتقدمين في ذلك ما يبين الحق ويهدي السبيل.
كما ذكرت في كتاب المنجد وأظن أنه لا فرق بين قراءة يعقوب وقراءة غيره من السبعة عند أئمة الدين المحققين وهو الحق الذي لا محيد عنه - قرأت على الإمام محمد بن عبد الرحمن عن محمد بن أحمد المعدل أنبأنا علي بن شجاع أنبأنا أبو مجرد أنبأنا ناصر بن الحسن أنبأنا أبو الحسين الخشاب أنبأنا أبو الفتح الجوهري أنبأنا طاهر بن غلبون قال بلغني أن أبا عثمان المازني قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقرأت عليه سورة طه فقرأت مكاناً سوى فقال اقرأ سوى - اقرأ قراءة يعقوب. أخبرني إبراهيم بن أحمد الجازاني بقراءته عليه عن عمر بن غدير عن أبي اليمن الكندي أنبأنا أبو أحمد البغدادي.
أنبأنا أبو العز الواسطي أنبأنا أبو القاسم الهذلي قال: لم ير في زمن يعقوب مثله كان عالماً بالعربية ووجوهها والقرآن واختلافه فاضلا تقياً ورعا زاهداً بلغ من زهده أنه سرق رداؤه عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورد إليه وهو في الصلاة ولم يشعر لشغله بالصلاة وبلغ من جاهه بالبصرة أنه كان يحبس ويطلق أخبرني أبو المعالي المقرئ عن سيدة الدار أنبأنا إبراهيم بن ويثق ابن رزقون عن الخولاني حدثنا بن سعيد أجازة حدثني يونس بن عبد الله الخطيب حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أحمد بن خالد حدثنا مروان بن عبد الملك قال سمعت أبا حاتم يقول يعقوب بن إسحاق من أهل بيت العلم بالقرآن والعربية وكلام العرب والروايات الكثيرة والحروف والفقه وكان أقرأ الناس للقرآن وكان أعلم من أدركنا ورأينا بالحروف والاختلافات في القرآن الكريم وتعليله ومذاهب أهل النحو في القرآن وأروى الناس لحروف القرآن وحديث الفقهاء - قال البخاري وغيره مات رضي الله عنه في ذي الحجة سنة خمس ومائتين وله ثماني وثمانين سنة ومات أبوه عن ثماني وثمانين سنة وكذلك جده وجد أبيه رحمهم الله.
المصدر: مجلة كنوز الفرقان؛ العددان: (الخامس والسادس)؛ السنة: (الخامسة)، جمادى الأولى والآخرة 1372 هـ