|
مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات.. |
ومقصوصة ، كجناح أبيك، هي المفردات |
فكيف يغني المغني؟ |
وقد ملأ الدمع كل الدواه.. |
وماذا سأكتب يا بني؟ |
وموتك ألغى جميع اللغات.. |
2 |
لأي سماء نمد يدينا؟ |
ولا أحدا في شوارع لندن يبكي علينا.. |
يهاجمنا الموت من كل صوب.. |
ويقطعنا مثل صفصافتين |
فأذكر، حين أراك، عليا |
وتذكر حين تراني ، الحسين |
3 |
أشيلك، يا ولدي ، فوق ظهري |
كمئذنة كسرت قطعتين.. |
وشعرك حقل من القمح تحت المطر.. |
ورأسك في راحتي وردة دمشقية .. وبقايا قمر |
أواجه موتك وحدي.. |
وأجمع كل ثيابك وحدي |
وألثم قمصانك العاطرات.. |
ورسمك فوق جواز السفر |
وأصرخ مثل المجانين وحدي |
وكل الوجوه أمامي نحاس |
وكل العيون أمامي حجر |
فكيف أقاوم سيف الزمان؟ |
وسيفي انكسر.. |
4 |
سأخبركم عن أميري الجميل |
سأخبركم عن أميري الجميل |
عن الكان مثل المرايا نقاء، ومثل السنابل طولا.. |
ومثل النخيل.. |
وكان صديق الخراف الصغيرة، كان صديق العصافير |
كان صديق الهديل.. |
سأخبركم عن بنفسج عينيه.. |
هل تعرفون زجاج الكنائس؟ |
هل تعرفون دموع الثريات حين تسيل.. |
وهل تعرفون نوافير روما؟ |
وحزن المراكب قبل الرحيل |
سأخبركم عنه.. |
كان كيوسف حسنا.. وكنت أخاف عليه من الذئب |
كنت أخاف على شعره الذهبي الطويل |
... وأمس أتوا يحملون قميص حبيبي |
وقد صبغته دماء الأصيل |
فما حيلتي يا قصيدة عمري؟ |
إذا كنت أنت جميلا.. |
وحظي جميلا.. |
5 |
لماذا الجرائد تغتالني؟ |
وتشنقني كل يوم بحبل طويل من الذكريات |
أحاول أن لا أصدق موتك، كل التقارير كذب، |
وكل كلام الأطباء كذب. |
وكل الأكاليل فوق ضريحك كذب.. |
وكل المدامع والحشرجات.. |
أحاول أن لا أصدق أن الأمير الخرافي توفيق مات.. |
وأن الجبين المسافر بين الكواكب مات.. |
وأن الذي كان يقطف من شجر الشمس مات.. |
وأن الذي كان يخزن ماء البحار بعينيه مات.. |
فموتك يا ولدي نكتة .. وقد يصبح الموت أقسى النكات |
6 |
أحاول أن لا أصدق . ها أنت تعبر جسر الزمالك، |
ها أنت تدخل كالرمح نادي الجزيرة، تلقي على الأصدقاء التحيه، |
تمرق مثل الشعاع السماوي بين السحاب وبين المطر.. |
وها هي شفتك القاهرية، هذا سريرك، هذا مكان |
جلوسك، ها هي لوحاتك الرائعات.. |
وأنت أمامي بدشداشة القطن، تصنع شاي الصباح، |
وتسقي الزهور على الشرفات.. |
أحاول أن لا أصدق عيني.. |
هنا كتب الطب ما زال فيها بقية أنفاسك الطيبات |
وها هو ثوب الطبيب المعلق يحلم بالمجد والأمنيات |
فيا نخلة العمر .. كيف أصدق أنك ترحل كالأغنيات |
وأن شهادتك الجامعية يوما .. ستصبح صك الوفاه!! |
7 |
أتوفيق.. |
لو كان للموت طفل، لأدرك ما هو موت البنين |
ولو كان للموت عقل.. |
سألناه كيف يفسر موت البلابل والياسمين |
ولو كان للموت قلب .. تردد في ذبح أولادنا الطيبين. |
أتوفيق يا ملكي الملامح.. يا قمري الجبين.. |
صديقات بيروت منتظرات.. |
رجوعك يا سيد العشق والعاشقين.. |
فكيف سأكسر أحلامهن؟ |
وأغرقهن ببحر الذهول |
وماذا أقول لهن حبيبات عمرك، ماذا أقول؟ |
8 |
أتوفيق .. |
إن جسور الزمالك ترقب كل صباح خطاك |
وإن الحمام الدمشقي يحمل تحت جناحيه دفء هواك |
فيا قرة العين .. كيف وجدت الحياة هناك؟ |
فهل ستفكر فينا قليلا؟ |
وترجع في آخر الصيف حتى نراك.. |
أتوفيق .. |
إني جبان أمام رثائك.. |
فارحم أباك... |