[center]بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرا من الناس يشكوا عدم قدرته علي الاستمرار والثبات علي الطاعة بعد رمضان بل وكثير من الناس يشكوا قسوة قلبه وجمود عينيه بل وكثير من الناس يشكوا جرأته علي انتهاك حرمات الله عز وجل صام رمضان شهرا كاملا وقام ليله وقرأ القرأن الكريم وداوم علي الذكر والاستغفار والعمل الصالح لكن يصاب الكثيرون بعد انتهاء الليلة الأخيرة من شهر رمضان لا اقول بحاله من الفتور ولكن لا أبالغ ان قولت يصابوا بحاله من حالات الانتكاس فيشكوا قسوة قلبه وجمود عينيه بل ولا يستشعر لذه الطاعة وحلاوة العبادة أللتي كان عليها في رمضان واذا خلي بعد رمضان لا اقول بأيام بل بساعات اذا خلي بنفسه ربما يجد من نفسه الجرأه علي انتهاك حرمات الله تعالي
وفي الحديث الصحيح اللذي رواه ابن ماجه والبيهقيي في سند صحيح من حديث ثوبان ان النبي صلي الله عليه وسلم قال
((لأعلمن اقواما من امتي يأتون يوم القيامه بحسنات امثال جبال تهامه بيضاء فيجعلها الله هبائا منثورا اما انهم اخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون لكنهم قوما اذا خلو بمحارم الله انتهكوها ((
أي لا يتورع في الخلوه ان ينتهك محارم الله وحتما سيصل من هذه المرحله الي مرحله اخري وهي مرحله الجهر بالمعصيه بلا خجل او حياء من الله
ففي الصحيحين من حديث ابي هريره رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال
(( كل أمتي معافي إلا المجاهرين وأن من المجاهره ان يعمل الرجل بالليل عملا فيصبح وقد ستره الله عز وجل فيقول يا فلان اني عملت البارحه كذا وكذا أي من اعمال الذنوب والمعاصي يقول الصادق يبيت وقد ستره الله فيصبح يهتك ستر الله عليه ))
شتان شتان بين المؤمن اللذي ذاق حلاوه الايمان وبين المومن اللذي ذاق طعم الأيمان واشرق نور الأيمان في قلبه وبين الفاجر اعاذني الله واياكم الفجور فالمؤمن يري ذنوبه ولو كانت صغيره كأنه يقعد تحت جبل يخشي ان يخر عليه الجبل في أي ساعه من ليل او نهار
لا يحتقر ذنبا ابدا ولا يستهين البته بمعصيه وانما تراه دائما خائفا وجلا من الله جل وعلا
قال الله تعالي
"وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ "
قالت السيدة عائشة يا رسول الله أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر
قال لا يابنت الصديق ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخش ان لا يتقبل الله منه
والحديث رواه الأمام احمد بسند صحيح
فالمؤمن تراه دائما أبدا وجلا خائفا من الله عز وجل لا يستهين بمعصية
ولا يحقر ذنبا من الذنوب بل ويخشي من حاله الفتور أللتي تنتابه في أي مرحله من مراحل سيره إلي الله عز وجل
اعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلي الله عز وجل بقلبه وهمته لا ببدنه
مسافات الدنيا ومسافات الأرض تقطع بالأبدان لكن الطريق الموصل إلي الرحمن يقطع بالهمم والإرادات الصادقة
فالتقوى في الحقيقة تقوي القلوب لا تقوي الجوارح
قال تعالي
((ذلك وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ))
قال تعالي
((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَاوَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ))
وأشار صلي الله عليه وسلم إلي صدره الشريف يوما وقال
((التقوى ها هنا التقوى ها هنا التقوى ها هنا ))
يقول عبد الله بن مسعود والأثر في صحيح البخاري
إن المؤمن يري ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه
وان الفاجر يري ذنوبه كذباب سقط علي انفه فقال به هكذا
أي فذبه فطار
يستهين الفاجر بالذنب ويحتقر المعصية لكن المؤمن لا ينظر إلي صغر المعصية لكنه ينظر في حق من أذنب وعصي ينظر إلي عظمه الله وجلال الله فأذا امتلئ القلب بمحبه الله وعظمه الله وجلال الله لا يستهين العبد حين اذن بمعصيه في جنب الله وان كانت صغيره من الصغار لأن كثيرا من الناس يستهينون بالصغائر ومع ذلك يجد قلبه في وقت من الأوقات لا يسمع عن الله ولا يستشعر بلذه الطاعه ولا يتأثر بقرأن الله ولا يستشعر حلاوه الصلاه ولا سماع القرأن لماذ ؟ لانه استهان بالصغائر فتراكمت الصغيره علي الصغيره وتركت كل صغيره بقعه سواد في القلب ولم يتب الي الله
فتركت الصغيره أثر سواد في القلب ثم جاءت صغيره اخري وثالثه ورابعه
فتتكون علي القلب بقعه من السواد فربما تصل الي حد الران قال الصادق اللذي لا ينطق عن الهوي في الحديث اللذي رواه احمد والترمزي
اذا اذنب العبد نكت في قلبه نقطه سوداء فأذا تاب ونذع واستفغر
ثقل قلبه فأن عاد عادت فان ذاد زادت فذلك الران اللذي قال الله تعالي فيه
((كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ))
قال شيخنا ابن القيم رحمه الله
اذا استنار القلب بنور الطاعه اقبلت وفود الخيرات اليه من كل ناحيه
فينقل صاحبه من طاعه الي طاعه
ان للطاعه نورا في الوجه ونورا في القلب وسعه في الرزق وقوه في البدن ومحبه في قلوب الخلق
وان للمعصيه ظلمه في القلب وظلمه في القبر ووهنا في البدن وضيق في الزق وبعضا في قلوب الخلق
فأذا استنار القلب بنور الطاعه اقبلت وفود الخيرات اليه من كل ناحيه
فينتقل صاحبه من طاعه الي طاعه
لافرق عنده بين رمضان وغيره من الشهور فربما لا يزيد في اعماله ولا طاعاته في رمضان الا في الصيام عن باقيه الشهور لأن له هدف وبرنامج وله غايه مع الله فعمله لا يزيد في رمضان ولا غير رمضان الا بصيام النهار والا فهو في باقيه الأيام يصوم اما الليل فهو لا يضيع ليله الا وهو بين يدي ربه جل وعلي فهو لا يحتاج الي ان يدرب لسانه عن الكف عن الغيبه والنميمه او ان يدرب بصره ان يغض عن الحرام
هو كذلك في رمضان او غير رمضان
لا انكر ان لرمضان له من الفضائل والخصائص والخيرات مالا يتوفر في غيره من الشهور
فالمؤمن لا يزيد عمله الا بصيام والا فله ورد مع القرأن ومحافظ علي الصوات ومحافظ علي النفقه والذكر والا ستغفار والصدق الخ من اعمال الطاعات اللذي تلبس بها في رمضان
نكرر
اذا استنار القلب بنور الطاعه اقبلت اليه وفود الخيرات من كل ناحيه
فينتقل صاحبه من طاعه الي طاعه
وارجوا ان تنتبهوا ان هذه الكلامات من علامات قبول التوبه
فمن علامات قلوب التوبه ان ينتقل التائب من طاعه الي طاعه وان يرتقي في حاله مع الله سبحانه وتعالي لا يشعر بالفتور بل يشعر بالهمه العاليه والأراده الصادقه فالفتور له حالاتان
الأولي هي حاله التراخي
فتر يفتر فتور ايلان بعد شده وضعف بعد حده
هكذا قال ابن منظور في لسان العرب
اما الحاله الثانيه هي الأنقطاع بعد الأستمرار وهذه حاله من حالات الانتكاس فهي اخطر حالات الفتور ولا حول ولا قوه الابالله
اسمع الي الكلمات المقابله
واذا اظلم القلب بظلمه المعصيه اقبلت سحائب البلاء والشر اليه من كل ناحيه فينتقل صاحبه من معصيه الي معصيه ويصبح كالأعمي اللذي يتخبط في حنادث الظلام . هذا من شؤم المعصيه وينتقل من معصيه الي اخري
الا ان يتبع السيئه الحسنه فأذا تكون الران علي القلب فمن العسير جدا ان يسمع صاحب هذا القلب عن الله ورسوله فربما ان يسمع القرأن كاملا ولا تدمع عينه ولا تخشع قلبه ولا تلين جوارحه لماذا ؟ لان الران حجب القلب عن الله ورسوله فينتقل صاحب هذا القلب من معصيه الي اخري ومن انتكاسه الي انتكاسه فيصبح كما قولنا كالأعمي
فمن بركه الطاعه انها تطهر القلب من الظلمه أي من ظلمه الذنوب والمعاصي وتحبب العبد من الرب وتحبب الرب في العبد ويا لها من كرامه واه لو احبك مولاك
فلو احبك رجل من اهل الدنيا له مكانته ووجاهته ربما تعيش بين الناس عزيزا مرفوع الهامه بهذه المحبه
فكيف لو احبك مالك الملوك سبحانه وتعالي
ففي الصحيحين من حديث ابي هريره رضي الله عنه وتعالي قال قال رسول الله قال الله تعالي في الحديث القدسي
((من عادي لي وليا فقد أذنته بالحرب وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته علي ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتي احبه
فأذن احببته كنت سمعه اللذي يسمع به وبصره اللذي يبصر به ويده اللتي يبطش بها ورجله اللذي يمشي بها ولأن سألني لأعطينه ولان استعاذني لأعيذنه ))
فهذه ثمره من ثمار استمرارك وثباتك علي الطاعه
ومن اعظمها ايضا انها سبب في تفريج الهم والكرب والغم
فتعرف الي الله في الرخاء يعرفك في الشده
كما قال المصطفي في لفظ احمد
(ياغلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده امامك تعرف علي الي الله في الرخاء يعرفك في الشده واعلم انما اخطائك لم يكن ليصيبك وانما اصابك لم يكن ليخطئك واعلم ان النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا )
ومن اعظم بركات ثباتك علي الطاعه اللتي كنت عليها في رمضان انها سبب بأذن الله انها سبب لحسن الخاتمه
قال الحافظ ابن كثير
لقد اجري الله الكريم عادته بكرمه ان من عاش علي شيء مات عليه و من مات علي شيء بعث عليه
فأن عشت وداومت علي هذه الطاعه اقتضي عدل الله ان تموت وتبعث علي هذه الطاعه
قال المصطفي والحديث رواه الترمزي وغيره
قال صلي الله عليه وسلم
(اذا اراد الله بعبد خيرا استعمله قيل وكيف يستعمله يا رسول الله
قال المصطفي يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه)
السوال الأن كيف تستمر وتثبت علي ما كنا عليه في رمضان من صلاه وذكر وقيام واستغفار الي غير ذلك من اعمال الغير ؟؟؟؟
الخطوه العمليه الأولي هي ان لا يري أحد منا نفسه
فلا تري نفسك بطاعتلك اللتي كنت عليها شيء وانت تتبرأ من نفسل وحولك وقولك وقوتك ومددك وأن تصدق أن تبرأت في كل هذا في طلب العون من الله
فأن اعانك الله فانت الموفق وان لم يعنك فستخذل
أذ لا حول ولا قوه الا بالله
الا تعلم ان حبيبنا المصطفي نفسه في حاجه الي تثبيبت من الله عزوجل ؟
فأنا لا شيء وانت لا شيء فلا تسطيع ان تخرج من فمك كلمه او تقيم لله ركعه او تصوم لله يوما او تقرا لله أي الا ان وفقك ربك عز وجل
((اياك نعبد واياك نستعين ))
هذا الدعاء تدعو به في كل صلاه قل من ينتبه اليه إياك نعبد اي لا عون لنا علي هذه العباده الا ان اعتنا ولا قدره لنا الا ان علي العباده الا اذا مكنتنا
فنحن لا شيء علي الأطلاق ولا نملك اي شيء ولا نستطيع فعل شيء
فعبادتك فضل الله عليك طاعتك محض فضل الله عليك اذ لا حول ولا قوه الا بالله
اي لا حول لنا ولا قوه لنا علي فعل طاعه او ترك معصيه الا بفضل الله وعونه وتسديده جل تعالي
قال الله تعالي مخاطب المصطفي صلي الله عليه وسلم
((وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً))
فكلنا نحتاج الي تثبيت ولو تدبرت هذه المعاني لورثتك مزيدا من الزل والأنكسار للعزيز الغفار ومزيد من الرحمه بالخلق
فقلبي وقلبك كالريشه تقلبها الريح ظهرا لبطن في الساعه الواحده مئات المرات
فلابد ان تعرف
فتزداد زلا وانكسار لربي ورحمه بالخلق ومحبه للخلق
فأذا رأيت أحد أخواني علي معصيه أزددت لله حمدا وشكر ان حفظني من الوقوع في هذه المعصيه
ثم اقبلت اليه لأذكره بالله عز وجل تذكره صاحب القلب الوجل والخائف من الله لا أذكره بكبر واستكبار او غرور ولا عجب
فالخطوه الأولي ان نصدق في طلب العون من الله
قال المصطفي صلي الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه
((يا معاذا والله أني لأحبك
فقال معاذ بأبي أنت وأمي يارسول الله و والله أني لأحبك
فقال المصطفي صلي الله عليه وسلم فلا تدعن دبر كل صلاه ان يعنيك علي ذكره وشكره وحسن عبادته ))
وهنا يأمر المصطفي معاذ رضي الله عنه ان يدعوا الله دبر كل صلاه ان يعينه علي ذكره وشكره وحسن عبادته
الخطوه الثانيه والعمليه علي الطريق هي القصد والاعتدال
بمعني لا أفراط ولا تفريط ولا تشدد ولا غلو
لأن النفس تسأم وتجمح فلا يمكن ان تثبت نفسك علي طريق واحد
فتحتاج النفس الي شيء من الترفيه والترويح المباح
وليس كما يقول الخلق ساعه وساعه
اي يقصدون ساعه للطاعه واخري للمعصيه
لا هذا خطأ
روي مسلم في صحيحه من حديث حنظله الأسيدي وكان من كتاب الوحي للنبي صلي الله عليه وسلم
قال حنظله
لقيني أبو بكر وقال: "كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان الله، ما تقول؟ قلت: نكون عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يذكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عنده عافسنا – لاعبنا وخالطنا - الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا! فقال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. قال حنظلة: فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال: وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافَسْنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيرا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ساعه وساعه ساعه وساعه ))
بنص الحديث ساعه وساعه
أي ساعه ابكي من خشيه الله عز وجل وساعه عافس فيها الزوجه والأولا وانشغل بالتجاره
هذا هو الحديث ومعني ساعه وساعه
فالنفس جموح وتحتاج الي ترويح مباح كما قلنا وليس في أول صبح من شهر شوال ننطلق بالمعاصي والذنوب دون خجل وحياء من رب الأرض والسماء كما نري
القصد والأعتدال
لا أفراط ولا تفريط
ففي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم دخل المسجد مرةً فرأى حبلاً ممدودًا بين ساريتين، فقال: "ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلَّقت به، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: " حلُّوه، فليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد))
صلي الله علي نبي الرحمه
وعن أنس رضي الله عنه قال جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فأصلي الليل أبدا وقال الآخر وأنا أصوم الدهر أبدا ولا أفطر وقال الآخر وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ ! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ))
القصد والأعتدال
تدبروا معي هذا الحديث النبوي الجليل
((اللهم أصلح لي ديني اللذي هو عصمه أمري وأصلح لي دنياي اللذي فيها معاشي ))
أنظر يدعوا رسول الله ان يصلح الله له الدنيا !!
نعم فالدنيا هي مزرعتك للأخره فالدنيا دار صدق لمن صدقها ودار غني لمن تزود منها ودار نجاه لمن فهم عنها
فهي مهبط وحي الله ومصلي أنبياء الله ومتجر أولياء الله ربحوا فيها الرحمه وأكتسبوا فيها الجنه
هذه هي النظره الشريعه والمنضبطه للدنيا
((اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر))
هذا هو نص الحديث اللذي رواه ابي هريره والحديث في صحيح مسلم
بعد القصد والاعتدال
التنويع
فأن من أعظم طرق ثباتك علي الطاعه هي التنويع وأقصد بالتنويع هو ان تنوع الطاعه وان تنوع وقت الطاعه وبالمثال يتضح المقال
فقد تلزم نفسك بقرأه جزئين من أجزاء المصحف وبعد قرائه جزء واحد تتوقف ثم تمسك بيدك اوراق المصحف لتفر اوراقه حتي تري كما بقي لك من الصفحات ؟ تثتثقل ان تقرأ باقي الصفحات ؟
فماذا تفعل
أغلق المصحف وانتقل لطاعه أخري قم صلي ركعتين او اذهب لزياره مريض او زياره المقابر او اذهب لدرس علم او اذهب لزياره أمك واذهب لزياره اخ مسلم لك هذا هو التنويع للطاعه
فلو سئمت نفسك من فعل من افعال الخير فتوقف عند هذه الحاله اللتي تصيب النفس فأنت بشر ولست نبي مرسل او ملك مقرب ولاينبغي ان تجنح بالخيال لتتجاوز حدود الفطره لا لن تستطيع
وربما تترك الطاعه كليا فغير الطاعه مالم تكن الطاعه مرتبطه بوقت مثل الصلاه
فلايجوز ان تأخر الصلاه عن أوقاتها بدعوي ان نفسك لا تسريح الان لصلاه الظهر مثلا في وقتها
اما ان كانت الطاعه لا وقت لها فقم بتغيير الطاعه أذا شعرت بشيء من السئم والملل
وما الدليل علي تنويع الطاعه في الأسلام ؟؟
الدليل هو ما في صحيح مسلم من حديث أبي هريره رضي الله عنه
أن النبي سأل الصحابة يوماً وقال: من أصبح اليوم منكم صائماً؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فسأل المصطفى: فمن عاد اليوم منكم مريضاً؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فسأل المصطفى: فمن أطعم اليوم منكم مسكيناً؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فسأل المصطفى: فمن تبع اليوم منكم جنازة؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فقال المصطفى: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة }.
أنظر لهذا التنويع وأنظر لهذا السؤال المحدد والمقصود
فسأل المصطفي صلي الله عليه وسلم عن
الصيام
اتباع الجنائز
عياده المرضي
اطعام المساكين
كل هذا في يوم واحد
من منا حرص ان يفعلهم في يوم واحد ؟
نوع الطاعه ولا تستهن بطاعه فأنت لا تدري ما العمل اللذي يوصلك
ففي الصحيحين قال صلي الله عليه وسلم لبلال
يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة؟ فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة.
قال بلال:
ما عملت عملا في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهوراً تاماً في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي".
عمل يسير جدا يوصل بلال رضي الله عنه الي هذه المكانه!!
ثم غير وقت الطاعه ان لم تكن مرتبطه بوقت
ففي الصحيحن من حديث أبي هريره رضي الله عنه قال قال صلي الله عليه وسلم
"إن الدين يُسْر، ولن يَشادَّ الدينَ أحد إلا غلبه، فسَدِّدوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغُدْوة والروحة، وشيء من الدُّلَجة"
أنظروا لهذا التنويع
الغدوه أي في الصباح الباكر : أجلس في هذه الساعه واستعن بالله واذكره في هذه الساعه علي سائر النهار
الروحه أي في المساء
الدلجه اي في الليل فاليل أنس المحبين وروضه المشتاقين وان لله عبادا يراعوان الظلال بالنهار كما يراعي الرعي غنمه ويحنون الي غروب الشمس كما تحن الطير الي أوكارها
حتي اذا ما جنهم الليل وأختلط الظلام ونصبت الفرش وخلي كل حبيب بحبيبه
قاموا فنصبوا الي الله اقدامهم وافترشوا علي الأرض جباههم وناجوا ربهم وقرأو قرأنه وطلبوا احسانه وانعامه فان اول ما يعطيهم ربهم هو ان يقزف نوره في قلوبهم
ثالثا التدرج في الطاعة
وأرجوا ان تنتبهوا الي قضيه التدرج في الطاعه لأن كثيرا من البعض وحتي منالدعاه من فهم سوء الفهم عن تلك القضية
فيقول أحدهم لأمراه متبرجه يريد ان يأمرها بالحجاب الشريعه غطي رأسكي ولامانع ان تلبسي البنطال الضيق او البلوزه الضيقه لكن أبدأي بتغطيه الرأس ,,,,,,,,,,,,,,هذا دجل وكذب وضلال في ضلال
وليس هذا من التدرج في شيء
ان كان ذلك كذلك فأنا ادعو من لا يصلي وأقول تعالي تدرج في الصلاه صليمعنا العشاء ركعه واحده وأنصرف أنت وبعد ايام صلي ركعتينهذا خبل وخلل
اما التدرج في الطاعه معناه
هو أن تبدأ في وجه واحد من كتاب الله جل وعلاه ثم بوجهين ثم بربع جزء ثم ربيعين ثم نصف جزء ثم جزء
ثم جزئين ثم ثلاثه هذا هو التدرج
او صلي ركعه في قيام الليل ثم ثلاث ركعات ثم الي ان تصل الي احدي عشر وأستمر علي ذلك
وستري الأمر مريحا وسهل
أما ان يخرج أحدنا من رمضان بشحنه إيمانيه هائله وأن يلزم نفسه بقرائه 5 أجزاء في اليوم
فيقرأ الخمسه اجزاء في اليوم الأول وربما اليوم الثاني وربما الثالث وفي الأسبوع الثاني يقرأ 4 أجزاء
او أقل ,,,,,,,,,,,,, وأنتم تعلمون الباقي الي ان يدخل عليه رمضان المقبل يكون قد ترك قراءه القرأن بأكمله
هذا هو التدرج في الطاعه
وأرجوا ان تنتبهوا الي قضيه أخري حتي لانضر ونحن نريد النفع
التدرج في التشريع
فا التدرج في التشريع أنتهي زمنة بموت المصطفي صلي الله عليه وسلم
فلا ينبغي أحد ينسب الي العلم ان التدرج مسنون لأن التدرج في التشريع وارد هذا خطأ
فكما قولنا التدرج في التشريع أنتهي زمنه بموت المصطفي
فهو أنتهي بعد ما نزل قول المصطفي
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
ثم ايضا لا ننكر فقة الأولويات في الدعوه الي الله فهوه مختلف عن موضوعنا تماما ولا نريد الخلط به ففقه الأولويات علمه لنا رسولنا صلوات ربي وسلامه عليه
فقال صلي الله عليه وسلم لمعاذ كما في الصحيحين
( يامعاذ انك تأتي قوما أهل كتاب فدعوهم إلي شهاده أن لا إله الا الله )
او في روايه
(فليكن أول ما تدعوهم اليه هو شهاده أن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله )
فأن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم ان الله فرض عليهم خمس صلوت في اليوم والليله
فلا يجوز أن ندعوا أحد الي الصلاه قبل أن ندعوهم الي تحقيق التوحيد بالله عز وجل
فأن اطاعوا بذلك فأعلمهم أن الله جعل في أموالهم صدقه تأخذ من أغنيائهم وترد علي فقرائهم
فأن اطاعوا لك بذلك فأياك وكرائم أموالهم وأتقي دعوه المظلوم فأنه ليس بينها وبين الله حجاب
فلابد أن نقف علي هذه الفروق حتي لا نخلط بين التدرج في الطاعه والتدرج في التشريع وبين التدرج في الدعوه الي الله من منطلق فقه الأولويات
فمن فقه الدعوه او فقه الأولويات في الدعوه
عندما تري مثلا رجل في يديه احداهما كاس خمر والأخري سيجاره فتنطلق له لتتحدث معه في حكم حرمه التدخين دون ان يبدأ في حكم حرمه الخمر فليس هذا من فقه الدعوه ولا من فقه الاولويات
فالتدرج هو أن تبدأ بالطاعه المحببة اليك
فقد يحب أحدنا الصلاه باليل والأخر طلب العلم والأخر الأنفاق والأخر ان يتحرك لقضاء مصالح الناس
فأبدأ بالطاعه اللتي تحبها واللتي تراها قريبه من قلبك
ثم أختم بصحبة الصالحين والأخيار فهي من أعظم وسائل الثبات علي الطاعة
لأن الهمه تعلوا برؤيه أصحاب الهمم العاليه ولأن الهمم تكثر وتصبح دنيئة أذا صحبت أصحاب الهمم الدنيئه وأصحاب الهمم الضعيفه
(( وعلي قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي علي قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم واذا كانت النفوس كبار تعبت في مرادها الأجسام))
أصحب الأخيار والأطهار ممن تذكرك وجوههم ناهيك عن كلماتهم وأفعالهم بربك عز وجل و بنبيك صلي الله عليه وسلم
وأعلم أن الامه لا تخلوا منهم أبدا من هؤلاء الأخيار ممن أذا نظرت الي وجه احدهم ذكرت الله عز وجل
اللهم أجعلنا منهم اللهم أمين
((خير عباد الله اللذين أذا روؤا ذكر الله وشر عباد الله المشائون بالنميمه المفرقون بين الأحبه الباغون للبرئاء العيب ))
هذه بعض الوسائل اسأل الله عز وجل أن يعينني وايأكم علي تطبيقها والأستفاده منها
اللهم كما سلمتنا رمضان فتسلمه منا مقبولا يارب العالمين
cresssss
[
center]