أطفالنا و"الميني ماركت"
د.محمد صفوان الموصلي
يعيش معظمنا والحمد لله في بحبوحة من العيش وينعم أولادنا الصغار بمصروف يومي لا يلبثون ان يطيروه في خلال دقائق قليلة (وهذا طبعا يسعدنا) ولكن الطامة الكبرى هي أنهم غالبا ما يشترون أشياء قد تهدد صحتهم وتشكل خطرا عليهم، فأولادنا الكبار تعودوا على الطعام الجاهز (Jung Food) وما أدراك ما الطعام الجاهز ببلاويه من شحوم ودهون وبهارات واملاح ومواد حافظة وملونة.. ومعها طبعا علبة كبيرة من المياه الغازية بكل ما فيها من النفائث التي لا يتسع المقام لذكر مخاطرها الصحية.
نحن اليوم بصدد موضوع آخر وهو أطفالنا الصغار دون الخمس سنوات فهم ما يلبثون أن يأخذوا مصروفهم لينطلقوا مسرعين الى أي بقالة أو “ميني ماركت” كما يسمونها في هذه الأيام ليشتروا أكياسا صغيرة ملونة بشكل لافت للانتباه كتب عليها أشياء مختلفة وألوانها جذابة من الأحمر الى الأخضر الى الأصفر، ومحتوياتها قد تكون على شكل حروف ملونة أو اشكال حيوانات أو مكعبات أو أو أو.. والله أعلم بمحتواها من المواد التي تسمى بالغذائية.. ولقد علبت بشكل بدائي فبعضها مفتوح من طرفه، وخزنت على الأرض في محال أو بقالات غير مضبوطة الحرارة والتخزين.. وهنا مكمن الخطر، والطامة الكبرى فهذه المواد (ولست أدري أهي اغذية أم ماذا؟” لا نعلم محتواها، فهل هي حقيقة بطاطا أم ارز أم نشاء أم ماذا؟ وما هي المواد المضافة اليها “من أصباغ وملونات ومنكهات ومواد أخرى الله أعلم بها فضلا عن أنه غالبا ما يضاف البيض اليها” وكيف تم نقلها وتخزينها؟ وهذه الأكياس مليئة بمواد غير معروفة تشترك كلها في كونها غنية بالدهون والملونات والمنكهات والأملاح والبهارات والله أعلم هل تمت مراقبة انتاجها وخلوها من البكيتريا السامة.
ونحن الأطباء نرى بشكل يومي العديد من حالات التسمم الغذائي بمواد عديدة وهنا يجب ان نشير الى المعلبات وبشكل خاص “المايونيز” الذي يجب ان يخزن بدرجة حرارة باردة لاحتوائه على البيض الذي يفسد بسرعة، وكذلك تخزين اللحوم والدجاج وهذا ما يدخلنا إلى موضوع في غاية الأهمية والانتشار وهو التسمم الغذائي بالسالمونيلا.
يصاب الانسان بالسالمونيلا نتيجة تناول الاطعمة وشرب المياه الملوثة بهذه البكتيريا والواقع ان الانسان على تماس يومي من أنواع عديدة من الحيوانات والطيور التي تحمل البكتيريا من بينها الدجاج والبط والبقر والخراف والخيول والقطط والكلاب والطيور. وجدير بالذكر ان بكتيريا السالمونيلا تنمو بسهولة داخل البيض أو حتى على السطح الخارجي للبيضة ورغم ان طهي الاغذية يقلل من احتمال الاصابة إلا ان درجة حرارة الطهي ومدته يجب ان تكون لفترة كافية لكي تقتل البكتيريا داخل اللحم أو البيض.
تبدأ الأعراض بشكل مفاجئ وتكون على شكل: غثيان، اقياء شديد، آلام بطنية يتبعها اسهال مائي يحوي المخاط وأحيانا بعض الدم ويكون المريض بشكل عام مجهدا ما ويعاني من الصداع وترتفع درجة الحرارة وقد تترافق مع قشعريرة وبرديات.
وغالبا تكون فترة المرض من 4 الى 7 أيام إلا ان معظم المرضى يستمرون بحمل المرض لفترة قد تصل الى أسابيع عدة.
وللوقاية من هذا المرض يجب طهي الطعام بشكل جيد وبشكل خاص اللحوم والبيض ومراعاة أساليب الصحة العامة في تخزين ونقل الطعام بطريقة صحية وبشكل خاص في فترة الصيف.
العلاج يعتمد بشكل رئيسي على اعطاء السوائل والعصائر لتعويض الفاقد نتيجة القيء والاسهال لتجنب حدوث التجفاف وفقدان سوائل الجسم وقد يلجأ الى المضادات الحيوية وبشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من ضعف مناعي أو مصابين بالسالمونيلا خارج الجهاز الهضمي وحسب تقديرات الطبيب المعالج.
وأكل نفس الطعام الملوث بالسالمونيلا من قبل اشخاص عدة لا يعني بالضرورة اصابة الجميع حيث يقوم الحمض الموجود بالمعدة بقتل معظم البكتيريا الممرضة وأحيانا قد تتسلل البكتيريا الى الأمعاء وهنا تظهر درجة التفاوت في شدة الاصابة أو عدم الاصابة ففي كثير من الأحيان يتمكن الجسم من مقاومة المرض أما إذا كانت مقاومة الجسم ضعيفة فهنا تتسبب السالمونيلا بالتهاب بالأمعاء الدقيقة والقولون وعادة ما يقوم الجسم بمواجهة هذه العدوى تلقائيا من دون ضرورة استعمال المضادات الحيوية. ان استعمال المضادات الحيوية بطريقة غير مرشدة أدى الى ظهور ذراري أو سلالات من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية وبشكل خاص بعد استعمال المضادات الحيوية في مزارع تربية الدواجن بشكل عشوائي.
والنصيحة الأخيرة هي إعطاء لقاح التيفوئيد للأطفال وحتى الكبار وبشكل خاص في حال السفر الى بعض المناطق التي بها نسب عالية من الإصابة.
موضوع: أطفالنا و"الميني ماركت" 
الثلاثاء ديسمبر 25, 2018 12:37 am
