(1) |
و نظل نسلك في الحياة طريقنا.. |
نمضي على الدرب الطويل |
لكي نصارع.. يأسنا |
قد تمسح الأيام فيه دموعنا |
أو تستبيح جراحنا |
و نظل نمضي.. في الطريق |
و أتيت يوما.. للطريق |
كل الذي في القلب كان شجيرة.. |
تتظلل الآمال فيها.. و الزهور |
و الحب في الأعماق يحملني بعيدا كالطيور |
و العمر عندي لحظة |
تتحطم الأسوار فيها.. و الجسور |
تتجسد الأفكار فيها و الشعور |
إن عاشها الإنسان يوما |
ليس تعنيه الشهور.. |
(2) |
و أتيت يوما للطريق |
فيه القصور.. |
((تتشدق)) الكلمات في أرجائها |
تتمزق الأزهار فيها و الطيور.. |
و غذاء كل القصر تأكله الصقور.. |
كم من صغار في الحديقة تنتهي.. |
و غذاؤها الكلمات أو بعض السطور |
و طلائع الغربان تخترق السماء |
لتصيح فوق مدينتي: |
لا تتركوا شيئا على الطرقات للطير الصغير |
لا ترحموا فيها الزهور.. |
وأرى صغار الطير |
تسبح في سحابات البخور |
قدرٌ أراد الله أن نحيا عبيدا للصقور... |
(3) |
و مضيت وحدي في الطريق |
و سمعت في جيبي دبيبا.. خافتا |
و أصابع تلتف تلتمس الخفاء |
و نظرت خلفي في اضطراب! |
طفل صغير.. لا تغطيه الثياب |
لم يا بني اليوم تسرق |
أين أنت.. من الحساب؟! |
يوما ستلقى الله.. |
لم ينطق المسكين قال بلهفة: |
الله.. |
من في الأرض يخشى الله يا أبتاه؟! |
الجوع يقتلني و لا أجد الرغيف |
و الدرب كالليل المخيف.. |
(4) |
و مضيت وحدي في الطريق |
إيوان كسرى خلفه غصن عتيق |
صوت جهير ينفجر: |
الشعب مقبرة الغزاة |
و كفاحنا سيظل مفخرة الحياة |
و رأيت كل الناس تهتف في الطريق |
و جميعهم جاءوا.. (حفاة) |
و توارد الخطباء في القصر العتيق |
يتهامسون.. و يهتفون لصحوة الشعب العريق |
و يرتل الخطباء ما قال(الرفيق) |
هيا و ثوروا ثورة الإنسان تزأر كالحريق... |
هيا نحطم قلعة الأصنام في هذا الضفاف |
و ترنح الخطباء في نخب الهتاف |
و تصافحوا... |
و نظرت خلفي في الطريق |
سيارة تجري و أخرى تنطلق.. |
سيارة سمراء تعوي.. تخترق |
و رأيت أشباح الجميع الثائرة |
وقفت بعيدا.. تنتظر |
ساعاتها كسلى |
و عقارب الساعات تنظر حائرة.. |
سيارة حمراء تمضي مثل أشلاء الرفات |
لا شيء فيها غير صندوق يصيح |
فلترحموا يا ساداتي القلب.. الجريح |
و رفعت رأسي للسماء |
ما أجمل الكلمات تسري في الفضاء.. |
(5) |
و مضيت وحدي.. في الطريق |
و شجيرة الياسمين خلف ردائها.. |
وقفت تطل برأسها |
و أزها النوار ((تغمر)) للفراش بعينها |
و تبدد الصمت الجميل.. |
همسات شوق في الحديقة تختفي |
قبلات حب في الهواء تبخرت... |
و عناق أحباب يهز مشاعري |
فسفينة الأحلام مني أبحرت.. |
قالت له: أحلامنا |
فأجاب في حزن: أراها أدبرت.. |
و لم الوداع و أنت عمري كله |
و حصاد أيامي و همس مشاعري |
و غذاء فكري و ابتهال.. محبتي |
و عزاء أيامي و صفو سرائري؟ |
فأجابها المسكين: حبك واحتي |
لكنني يا منية الأيام ضقت برحلتي |
فإلى متى أحيا و فقر العمر يخنق عزتي |
سأودع الأرض التي |
عشت الحياة أحبها |
كم كنت أحلم |
أن يكون العش فيها.. و الرفيق |
أن ينتهي فيها الطريق |
لكنني ضيعت أيامي على أمل الانتظار |
حتى توارى العمر مني |
و أتيت أبحث عن قطار |
يوما قضيت العمر أشرب ((قهوتي)) |
و أدور في الطرقات أبحث عن.. جدار |
لا شيء يأوينا فكيف الحب يحيا في الدمار؟ |
الحب يا دنياي أن نجد الرغيف.. مع الصغار |
أن نغرس الأحلام في أيدي النهار |
ألا نموت بمكتب ((السمسار)) |
(6) |
و مضيت وحدي.. في الطريق |
شاب تعانق راحتاه يد القدر |
يمضي كحد السيف منطلق الأمل |
و تعثر المسكين في وسط الطريق |
هزمته أحقاد البشر |
فقد ضاق بالأحزان من طول السفر |
أين البريق و أين أحلام العمر؟! |
ضاعت على الطرقات في هذا الوطن |
شيء من الأيام ينقصني بقايا.. من زمن |
قالوا بأن الشعر أسود و السنين قليلة! |
أنا عند كل الناس طفل في الحياة.. |
لكن ثوبَ العلم فيك مدينتي ثوب العراة |
فمتى بياض الشعر يبلغ.. منتهاه؟؟ |
(7) |
و مضيت وحدي.. في الطريق |
جلست لتنزف في التراب دموعها |
كم من جراح العمر |
تحمل هذه الخفقات |
من أنت.. قالت: |
نحن الذين نجيء في صمت |
و نمضي في سكون |
نحن الحيارى الصامتون |
نحن الخريف المر نحن المتعبون |
تتربع الأحزان في أعماقنا.. |
تتجسد الآلام في أعمارنا.. |
لا شيء نعلم في الحياة |
و ليس تعنينا.. الحياة |
فالعمر يبدأ.. ثم يبلغ منتهاه |
إني قضيت العمر في هذا المكان |
ما جاءني ضيف و لا عشت الزمان |
لم جئت تسأل؟ |
لا تسل عنا فنحن التائهون |
نحن الرغيف الأسود المغبون |
نحن الجائعون...!! |
( |
و مضيت وحدي.. في الطريق |
قد جئت أبحث عن رفيق |
ضاع مني.. من سنين.. |
قد ضاع في هذا الطريق |
لكنني |
ما زلت أبحث عنه.. |
ما زلت أبحث عنه.. |