الثمن المجهول

هذه قصة قصيرة جالت أحداثها في خاطري ذات مساء،فقمت بكتابتها
وهي خيالية لاتمت للواقع بصلة..
مكونة من جزأين

الجزء الأول:
(القبول بالنهاية)



مدخل"
أن الثمن الذي ندفعه مقابل حياه من نحب يكلفنا أن نخسر كل شيء
في سبيل تحقيقه..

ولكن حينما تنقلب التضحية ألى ندم
ندرك جيدا مدى غبائنا عندما نقدم تنازلات لايكون ثمنها سوى الموت..


^
المطر كان يهطل بغزارة
في تلك الليلة من شتاء قارس،
كنت أنا وأبنتي مهددين بالطرد من منزلنا،
أن لم أدفع الضرائب المتراكمة علي
فسيكون العراء مأوى لنا وسنصبح كالكلاب الشاردة
أما أن نموت جوعا أو نتجمد من البرد؟
بيتنا يقع على أطراف قرية نائية..
وهو مبني من الخشب..دخلنا يعتمد على مانحصد من مزرعة صغيرة
نزرع فيها بعض الأنواع من الخضروات والفواكة الشتوية..
لكن الضرائب لاترحم أحد حتى الفقراء،
كنت قد جمعت مال المزرعة لعلاج أبنتي الصغيرة
ذات الثمان أعوام..
والآن بعد أن تعافت من مرضها
وعادت البسمة ألى ثغرها
ستصبح مشردة تموت بردا وجوعا كل يوم!

يألهي ساعدني
فعمال الضرائب سيأتون بعد ساعتين لأخذها
والذي يقدر ثمنها
بمئة ألف درهم!
ستصادر مزرعتي وسأفقد المنزل
لأن ثمنهما يساوي ثمن الضرائب المتراكمة علي..

وفي أثناء ذلك
وبينما كنت مستغرقا بحيرتي وهمومي
سمعت طرقا قويا على الباب
قطع سيل أفكاري
وأوقظ أبنتي من فراشها
هرعت ألي ملتجأه بحظني وهي تقول:
أبي أنا خائفة
فطمأنتها بحنان قائلا:
لاتفزعي ياحبيبتي
أبقي هنا
وأنا سأذهب لفتح الباب
لكنها أصرت على التشبث بي
وفشلت في أبعادها عني،
فأمسكت بيدها وذهبت لفتح الباب
وأنا متيقن بأنهم عمال الضرائب قد جائو ألي أسرع مما ظننت!
فتحت الباب
لأجد أمامي لاأحد!
ألتفت يمنة ويسرة باحثا عن شخص ما
لكني لم أجد الطارق؟
وفجأه
وقع بصري على الأرض
فرأيت كيسا أحمر مربوطا بأحكام
حملته بيدي الأخرى ودلفت للبيت!
جلست أبنتي بجواري
ونحن مدهوشين من أمر هذا الكيس،
فتحته بحذر لأجد فيه ماجعلني أشهق من شده الدهشة!
قالت أبنتي ببرائة الأطفال:
أنه ممتلئ بالنقود ياأبي
سوف نصبح أثرياء

أما أنا فبقدر فرحتي بهذا المال
راودتني شكوك رهيبة أثارت حفيظتي نحوه!
هل هذا شخص يحب فعل الخير
وقدم لنا المال كتبرع منه؟
أم أنه مال مسروق وهناك من يريد توريطي به!
المبلغ خيالي جدا
ويقارب الست مئة ألف درهم!
أستطيع دفع الضرائب منه
بل وسأصبح أثرى الأثرياء
وسأنقذ أبنتي من كابوس الفقر أن أخذته
لكن ماذا لو كانت شكوكي في محلها
ثم أخذت أنظر في عيني أبنتي
وأقارن بين حياتها كفقيرة مشردة
أو كغنية مكرمة!
فعزمت على أن أقبل بهذا المال..
بعد أن فكرت جيدا في نتيجة قراري واضعا في
عقلي خطة بديلة في حال تمت مطالبتي بهذا المال،

قرار ليس في محله
قرار سيكلفه الكثير
جمع ذلك الأب المسكين
تلك الأموال وأخذ بتقسيمها وجهز مبلغ الضرائب منها،
كانت خطتة تقضي أن يترك تلك القرية بعد أن يسلم الضرائب
ويذهب للعيش مع أبنته في مكان آخر!
وبعد أن سلم الأب المال للعمال
ذهب ليوظب أغراضه وأغراض أبنته
تركا كل شي خلفهما وركبا العربة
فهما سيتركان هذه القرية ومافيها للماضي
وسيبدأن بعيش حاضرهما الجميل ومستقبلهما المشرق،
المستقبل الذي يجهلان أي مصير يحمله لهما في طياته!

لم ينتبه الأب على تلك الورقة التي سقطت من الكيس
والتي كتب فيها بخط يد مرتب:

(سأخذ ديني بعد عشر سنوات)...

ألى لقاء آخر