توفيت أمي قبل عام وأنا وإخوتي كل منا يريد أن يشرك أمي معه في ثواب أضحيته فهل يجوز ذلك ويصلها الثواب إن شاء الله؟
المفتي: الشيخ عصام الشعار –عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين-.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
الأضحية سنة في حق الأحياء، لا الأموات، ولا يضحي الحي عن الميت إلا إذا كان الميت قد أوصى بالتضحية عنه أو وقف وقفا لذلك أو كان الميت قد نذر أضحية حال حياته ومات قبل أن يضحي ففي جميع الحالات السابقة يضحي الحي عن الميت ولا خلاف في ذلك.
وخالف فقهاء الشافعية فقالوا: لا تقع الأضحية عن الميت إذا لم يوص بها.
- أورد أبو داود في سننه بابا بعنوان (باب الأضحية عن الميت) ثم ذكر بإسناده عن حنش قال : رأيت علياً رضي الله عنه يضحي بكشبين فقلت له : ما هذا ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أضحي عنه فأنا أضحي عنه ، وكان ذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وروى الترمذي نحوه.
- وعن عائشة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به قال : " يا عائشة هلمي المدية " ثم قال : " اشحذيها بحجر " ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال : " بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد " . ثم ضحى به . رواه مسلم.
فالثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يضحي عن أمته ممن شهد له بالتوحيد وشهد له بالبلاغ وعن نفسه وآل بيته ولا يخفى أن أمته صلى الله عليه وسلم ممن شهد له بالتوحيد وشهد له بالبلاغ كان كثير منهم موجوداً زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكثير منهم توفوا في عهده صلى الله عليه وسلم فالأموات والأحياء كلهم من أمته صلى الله عليه وسلم دخلوا في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم والكبش الواحد كما كان للأحياء من أمته كذلك للأموات من أمته صلى الله عليه وسلم ولا تفرقة[1].
وأيضا يدل على جواز إشراك الميت في ثواب الأضحية عموم الأدلة التي تدل على أن الميت ينتفع بسعي الحي. فعن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- "أن سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب عنها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها غن تصدقت عنها؟ قال : نعم . قال : فإني أشهدك أن حائط المخراف صدقة عنها" رواه البخاري .والأدلة كثيرة الدالة على وصول ثواب الأعمال الصالحة للميت.
إذا أوصى الميت بالتضحية عنه ، أو وقف وقفا لذلك جاز بالاتفاق . فإن كانت واجبة بالنذر وغيره وجب على الوارث إنفاذ ذلك . أما إذا لم يوص بها فأراد الوارث أو غيره أن يضحي عنه من مال نفسه ، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز التضحية عنه ، إلا أن المالكية أجازوا ذلك مع الكراهة . وإنما أجازوه لأن الموت لا يمنع التقرب عن الميت كما في الصدقة والحج . وقد صح "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أحدهما عن نفسه ، والآخر عمن لم يضح من أمته". وعلى هذا لو اشترك سبعة في بدنة فمات أحدهم قبل الذبح ، فقال ورثته - وكانوا بالغين - اذبحوا عنه ، جاز ذلك . وذهب الشافعية إلى أن الذبح عن الميت لا يجوز بغير وصية أو وقف.
والله أعلم.
[1] - عون المعبود 7/344 .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ومن قال إن الأضحية عن الميت لا يصل إليه ثوابها كلام لا دليل، والراجح هو قول من أجاز الأضحية عن الميت مطلقا ، سواء أكان وصى بها أم لم يوص؟ ويؤيد جواز الأضحية عن الميت وإن لم يوص بها ما يلي:
إنما وقع الخلاف في غير الحالات السابقة بمعنى أن ينوي من أراد التضحية من الأبناء أن يشرك أباه الميت معه في ثواب الأضحية فالذي عليه جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة جواز ذلك ويصل إليه الثواب بإذن الله، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.