شروط أداء الحجِّ:
أمَّا الآن فمع شروط الأداء، أوَّلاً: سلامة البدن من الآفات المانعة من القيام بما لا بدَّ منه في السفر، فلا يجب الأداءُ على المُقعَد و الأعمى وإن وجد قائدًا، والشيخُ الكبير الذي لا يثبُت على الراحلة.
ومن شروط أداء الحجِّ زوالُ المانع الحسِّي من الذهاب إلى الحجِّ، كالحبس، والمنع من السفر، أو الخوف، أو عدم وجود وسيلة للسفر، ومن شروط الأداء أمنُ الطريق، ومن شروط الأداء عدمُ قيام العِدَّة للمرأة، من طلاق بائن، فالمرأةٌ المطلّقةٌ وهي في العِدَّة ليس عليها حجٌّ، ولكن ليس عليها أداؤه في هذا العام، هذا فرق بين شروط الوجوب و شروط الأداء، أو أنها مطلَّقةٌ طلاقًا رجعيًّا و هي في العِدَّة، أو أنها معتدَّةٌ من وفاة زوجها، فجميع أنواع العِدَّة تُسقِط أداءَ الحجِّ لا فرضِيتَه، لأن الله تعالى نهى المعتدَّاتِ عن الخروج من بيوتهن لقوله تعالى:
﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً (1) ﴾
[سورة الطلاق]
أما بالنسبة إلى المرأة فلا بدَّ من أن تخرج - اِنتبِهوا جيِّدًا - فلا بدَّ أن تخرج مع زوجٍ أو مَحرَمٍ تأبيدًا، وليس محرما مؤقَّتًا، بل على التأبيد، فهناك أشخاصٌ كزوجِ أختك لا يجوز أن يتزوجها، ولكنْ إذا ماتت أختُها يحقُّ لها الزواجُ به، فهذا مَحرمٌ مؤقَّتٌ، فلا يجوز أن تخرج المرأةُ إلى الحجِّ إلا مع زوج أو مَحرم على التأبيدِ
(( لحديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ))
[رواه البخاري]
هذا ليس للحجِّ فقط، بل لأيِّ سفرٍ، وهناك قصصٌ كثيرة تثبت حكمة الشرع في هذا النهي، فإذا سافرت المرأةُ وحدها كان الطمعُ فيها كبيرًا.
فإذا وجدت المرأة محرمًا ؛ وليكن أخاها ؛ لم يكن للزوج أن يمنعها لحجِّ الفرض وله أن يمنعها لحجِّ النفل، فالزوجُ لا يحِقّ له أن يمنع امرأتَه من أن تحُجُّ حجَّ الفرض إذا وجدتْ مَحرمًا.
تعريف المَحرَم:
وتعريف المَحرم بالضبطِ ؛ من لا تجوز مُناكحتَه على التأبيد، لنسب أو رضاعٍ أو مصاهرة، وقد منع العلماءُ أن تسافر المرأةُ مع أخيها من الرضاعة لغلبة الفساد، ويؤكِّد الفقهاءُ أنه لا يجوز للأخ أن يخلُوَ بأخته من الرضاع لغلبة الفساد.
وهناك شروط ثالثة، شروط الوجوب تحدَّثنا عنها، وشروط الأداء تحدَّثنا عنها وبقيَ شروطُ صحَّة الأداء، وهي ؛ الإسلام و العقل و الإحرامُ بالحجِّ، فالإحرامُ من شروط الحجّ في المذهب الحنفي، و الفرقُ بين الشرط والركنأنّ، الشرط ليس داخلا في صُلب الفريضة، بل يجب أن يُؤدَّى قبل الشروع في الفريضة، والمرادُ بالإحرام النيةُ مع التلبيةِ، فهو بالنسبة للحجّ كالنية للصلاة، والوقت المخصوص أشهرُ الحجِّ، و المكان المخصوص الميقاتُ المكاني، أيْ الأماكنُ التي حدَّدها الشارعُ الحكيم لأداء فريضة الحجِّ.
[
center]